بيروت، في 15/12/2010.

بــيـــان

اجتمعت الهيئة التنفيذية للمجلس العام الماروني في مقره المركزي، وترأس الاجتماع رئيس المجلس الوزير السابق وديع الخازن بحضور نائب الرئيس المحامي اميل مخلوف والأعضاء، وجرى التداول في الشؤون الداخلية والإقليمية والإجتماعية. وعلى الأثر أصدر المجتمعون البيان التالي:

أولاً: إستنكرت الهيئة التنفيذية التعرّض الشخصي لرئيسها الوزير السابق وديع الخازن في رد النائب محمد كبارة على انتقاد وجّهه رئيس المجلس عن المنحى الإنفصالي في خطابه عندما نادى بطرابلس، “عاصمة الشمال”، بـ “عاصمة للبنانيين السُنّة”. واعتبرت الهيئة أن هذا الأسلوب في التجنّي لا يرقى إلى مستوى الخطاب السياسي المسؤول الذي يُفتَرَض أن يتحلّى به “نائب الأمة”. وأكّدت على أن العلاقة المميّزة التي تربط آل الخازن ووديع الخازن بالذات بالكرسي البطريركي قائمة على إرث تاريخي هو أقوى وأمنع من أن تناله السهام من أحد. ومن المفارقة المعيبة أن ينسى هذا النائب نفسه في توصيفه لعهد الوصاية أنه جاء نائبًا في هذا العهد راضيًا مرضيًا، فهل يُعقَل أن يعكس الإتهام على نفسه عندما انتُخِبَ في ذلك الحين بنائب الوصاية؟!  وشدّد المجتمعون على ضرورة إعتماد الخطاب الهادئ بين اللبنانيين، البعيد عن كل أنواع التخوين والتجريح، مراعين فيه الصيغة التي يمتاز بها وطننا، والتي ترتكز على التعدّدية الطائفية، لأن، في نهاية المطاف، لبنان وطنًا لجميع أبنائه.

ثانيًا: أبدى المجتمعون قلقًا بالغًا من الحالة السياسية وما تشهده من مواقف متباعدة عشية مواجهة أخطر إستحقاق يواجهه لبنان مع المجتمع الدولي عند صدور القرار الإتهامي والذي تسرّبت لائحة إتهاماته عبر الإعلام الغربي والإسرائيلي. وإذا صحّت هذه التوقّعات في القرار الإتهامي الذي سيصدر فمن الحكمة أن نكون جاهزين لمواجهته بالروية والتعقّل والتحلّي بوجدانٍ وطنيّ لنأيِ أي تداعيات له على الساحة الداخلية.

ثالثًا: اعتبر الحاضرون أن أي تأخير في الإستجابة للمبادرة السورية- السعودية لتعطيل مكامن الفتنة في هذا القرار يرتد تداعيًأ لكل الإنجازات التي تحقّقت على صعيد إستعادة دور لبنان لمركزه الطليعي كبلد نموذجي يناقض في جوهر عيشه قولة صراع الأديان وصدام الساحات على خلفية طائفية ومذهبية والذي تتردّد أصداؤها في بعض دول المنطقة.

رابعًا: أهاب المجتمعون بالقيادات اللبنانية بأن تتحلّى بالوعي لِما يتربّص بنا من مكائد إسرائيلية تسعى إلى تغيير وجه لبنان الحضاري وإعادة عقارب عيشه إلى الوراء توطئة لتحرير مشاريع التوطين والتقسيم لإحياء الكيان العنصري الإسرائيلي على أنقاض صيغتنا.

خامسًا: حذّر الحاضرون من خطورة الإنجرار والإغترار بأي وعود لتغليب أي فريق على آخر بعدما خبرنا ويلات هذه المراهنات في محطات سابقة طيلة ثلث قرن، فلا أمل من أي دعم يُبنى على هذه الحالة الإنقسامية والتفرّد الواهم بالسلطة. فالسلطة هي وحدة متلازمة مع مبدأ العيش الواحد أو لا تكون، ولا يكون لبنان بعدها.

سادسًا: وجد المجتمعون أن الغياب الحكومي عن هموم الناس يوازي في أخطاره الإستحقاق الداهم، ناهيك بما تبيته إسرائيل من نيات عدوانية لشل مثلث قدراته الدفاعية المتمثّل بالجيش والمقاومة والشعب. فما دامت القضية الفلسطينية تفتش عن ملاذها الآمن في دول مستقلة وسط مفاوضات لا تُنبئ بالخير، فلبنان معرّض في أية لحظة لضرب مقوّمات العيش بين طوائفه وأطيافه على يد إسرائيل.

سابعًا: إن تعطيل العمل الحكومي عن أداء دوره في القضايا المعيشية والخدماتية الملحّة كالكهرباء والماء ومكافحة الغلاء وتخلّفه عن ملء المراكز الإدارية والأمنية الحساسة كمديرية الأمن العام يُنذر بأفدح العواقب على الأمن الإجتماعي والحياتي ويقضّ مضاجع المواطنين وسط قلقهم على المصير.

ثامنًا: لفت المجتمعون إلى كارثة الحرائق التي حاول رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وإلى جانبه وزير الداخلية زياد بارود الحدّ من أضرارها بالتعليمات التي أُعطيت إلى الجيش والدفاع المدني للمسارعة في محاصرة النار بكل الوسائل المتاحة، فضلاً عن طلبهما الإستعانة بطائرات إطفاء من دول صديقة ليؤكّدا على خطورة بقاء الحكومة مشلولة وعاجزة عن مواجهة الطوارئ التي أسهمت سيول المطر الأولى بإطفائها وإخمادها.

تاسعًا: اعتبر الحاضرون أن أي خطر بتهدّد لبنان في هذه اللحظات المصيرية يمكن أن يُحدث فوضى لا يستفيد منها إلاّ العاملون على العبث بالكيان، لأن فراغ السلطة التنفيذية نتيجة استمرار الإنقسام الداخلي يزيد من عامل التشرذم.

عاشرًا: مع اقتراب خلو مركز رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي غالب غانم بعد أسابيع قليلة نتيجة تقاعده، أشاد المجتمعون بالإنجازات التي تحقّقت لدى تسلّمه رئاسة مجلس شورى الدولة ومن ثمّ رئاسة مجلس القضاء الأعلى وما تحلّى به من مناقبية عالية وحرص على تماسك الجسم القضائي برغم ما تعرّض له من حملات وملامات. أملوا أن يكون الخلف على هذا المستوى العالي من المسؤولية والوجدان الوطني.

إحدى عشر: نوّه الحاضرون بإعادة تثبيت موقع حاكم مصرف لبنان رياض سلامه لانه شكّل ضمانة عالية وخلقية لاستقرار الوضع المالي برغم الحملات السياسية والأزمات الداخلية والهزات المالية الخارجية، واعتبروا بقاءه في موقعه بمثابة تعزيز لهذا الرصيد المنيع.

إثنا عشر: أكّد المجتمعون على إيلاء تعزيز الوضع الأمني في البلاد أهمية قصوى لأنه ينعكس إيجابًا على التحوّلات الخارجية إلى المصارف بعدما شهد القطاع المصرفي تراجعًا في النمو نتيجة التردّد والحذر على وقع الأخبار المتردّدة عن توتّرات يمكن أن تحدث.

ثالث عشر: تدارس المجتمعون شؤونًا تتعلّق بنشاطات المجلس وما يمكن أن يوزّعه من مساعدات للعائلات المحتاجة لإضفاء البهجة على قلوب المؤمنين في مثل هذه المناسبات المجيدة.

رابع عشر: يتوجّه الأعضاء بالتهنئة إلى جميع اللبنانيين والمسيحيين خاصةً بعيدي الميلاد المجيد ورأس السنة راجين منه تعال أن يُسبغ في هذه المناسبة السعيدة المباركة على لبنان ليعود بلد الألفة والسلام لأهله ولكافة شعوب المنطقة.

                                                                                                                                أمانة سر المجلس