المجلس العام الماروني 

بيروت، في 14/11/2012.

بــيـــان

       اجتمعت الهيئة التنفيذية للمجلس العام الماروني في مقره المركزي، برئاسة رئيس المجلس الوزير السابق وديع الخازن، وبحضور الأعضاء، وتداول المجتمعون في أجواء المقاطعة والقطيعة التي أدّت إلى شرارة صيدا الأخيرة وتوجّسوا من تداعيات هذه الأحداث مزيدًا من التدهور الإقتصادي والإجتماعي المُنذر بشرّ مستطير على الأوضاع برمّتها. ولدى إنتهاء الإجتماع صدر البيان التالي:

 

أولاً: إعتبر المجتمعون أن ما جرى من حدث أمني مؤسف وخطير في صيدا، إنما هو نتيجة الإحتقان القائم على الإصطفاف المذهبي والإقليمي والإمعان في سياسة “النأي” عن الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وحذّر الأعضاء من مغبّة التعامي عن المخاطر المحدقة بالبلاد في ظل إحتقان المطالب المزمنة والقائمة على تحسين الأمور لمواجهة الصعوبات المعيشية التي تتطلّبها مثل هذه القضايا المحقّة، في ظل العجز المالي للدولة. وهو الأمر الذي يستدعي حوارًا مخلصًا لتفادي أي تهوّر ينعكس بسلبياته على الجميع.

      ورأى الحاضرون في الخطوات السريعة والحاسمة، التي حاصر فيها الجيش والقوى الأمنية ما حدث في صيدا، مؤشّرًا لتطويق هذا القطوع درءًا لذكرى مشؤومة إندلعت فيها أحداث 1975 إثر إغتيال النائب معروف سعد.

ثانيًا: أكّد الأعضاء على أهمية إحتواء العاصفة الأمنية التي إنتقلت من عاصمة الشمال إلى عاصمة الجنوب بلقاء وطني جامع في هذه المرحلة العصيبة المفصلية مع تقاطع الأحداث الإقليمية المقبلة على تطوّرات جديدة لا يمكن التنبّؤ بنتائجها، والتي نأمل بأن تضع حدًا للحراك الدموي المُفجع في سورية مع ما يعنيه ذلك من زعزعة لإستقرار المنطقة.

 ثالثًا: في هذه الأجواء المحزنة والمحرجة، جاء الحدث المُفرح من الفاتيكان بإعلان البابا غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي كاردينالاً، وإقامة إحتفال تسليم الشارات نهار السبت 24 الجاري في الحاضرة الفاتيكانية، ليضع لبنان في مصاف أولويات الكرسي الرسولية في الشرق الأوسط، لِما له من أبعاد تمس الوجود المسيحي المشرقي وحضوره وتفاعله، كما جاء في الإرشاد الرسولي الأول الذي أطلقه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني عام 1997 من لبنان، وعن لبنان الرسالة والدور والإرشاد الرسولي الثاني الذي أعلنه البابا بنديكتوس السادس عشر في 16 أيلول 2012 من لبنان وعن مسيحيي الشرق ليؤكّد على تمسّك العالم الكاثوليكي بالسلام بين الحضارات والثقافات والديانات.

رابعًا: ناشد الحاضرون جميع القيادات اللبنانية إعتماد لغة النأي عن التحدّي والرهان على المحاور المتقابلة التي، إذا إتّفقت أخيرًا، كان إتّفاقها على حساب الأطراف المحلية، وخير دليل على ذلك هو إهمال الصراع الأممي على أرضنا طيلة خمسة عشر عامًا الذي أفضى إلى إتفاق الكبار على وقف الحروب في لبنان والتوّصل إلى إتفاق الطائف على حساب ضحايا هذه الحروب والدمار الإقتصادي الهائل الذي وقع. أما إذا تواصل الصراع القائم وإستعر، فإنه هذه المرة، لا سمح الله، سيفضي إلى تفكّك دول ونشوء كيانات هجينة خاضعة لمشيئة الكبار الذين يتقاسمون النفوذ عليها. فحذار التوغّل في خديعة الغالب والمغلوب لأن لا مغلوب في لبنان حينها إلاّ لبنان واللبنانيون أجمعون!

خامسًا: عوّل طالب المجتمعون على حكمة العقلاء، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ومعه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وعلى المناقبية التي يتحلّى بها قائد الجيش العماد جان قهوجي، في التصدّي لهذه التصدّعات الأمنية لتأمين سقف الأمان للسلم الأهلي وعدم ترك البلاد تحت رحمة المجهول المتسلّل إليها من كل جانب. واعتبروا أن الوقوف وراء الجيش والقوى الأمنية هو خشبة الخلاص والإنقاذ في غمرة لجج النار التي وصفها الأخضر الإبراهيمي “بأنها تلتهم الأخضر واليابس إذا ما استمرّت على هذا النحو!”

سادسًا: أثنى الأعضاء على مواقف القادة الروحيين، المسلمين والمسيحيين، الداعية إلى الحوار والتواصل بعيدًا عن أي تحيّز فئوي أو إقليمي والمتمثّلة بغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وسماحة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وسماحة المفتي عبد الأمير قبلان وسائر القادة الروحيين. ورأوا فيها، لأول مرة، إنسجامًا عاقلاً ووطنيًا يتماهى مع مواقف الرؤساء الدستوريين في البلاد. ودعوا إلى الإرتقاء معهم إلى مستوى النداء الوطني الجامع للحفاظ على وحدة اللبنانيين لمواجهة ما هو أكبر من قدرتهم.

سابعًا:  بمناسبة حلول رأس السنة الهجرية يتقدّم المجتمعون من الطوائف الإسلامية الكريمة بأحر التهاني راجينه تعالى أن يلهم كل الأفرقاء نعمة التواصل واللقاء مع سائر اللبنانيين جميعًا.

ثامنًا: أسف الحاضرون لإضطرار المجلس العام الماروني إلى تأجيل عشائه السنوي التقليدي إلى موعد آخر لتزامنه مع إحتفال تسليم الشارات الكاردينالية للبطريرك الراعي في حاضرة الفاتيكان بحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرسميين، وتدارسوا شؤونًا داخلية لمواكبة الحاجات الملحة في الخدمات الإجتماعية والتربوية التي يقدّمها المجلس.

                                                                                 أمانة سر المجلس